تسعى شركة سامسونج من خلال تعاون وثيق ومثمر مع جوجل إلى توسيع نطاق الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة متجاوزة بذلك حدود الهواتف الجديدة الحديثة باهظة الثمن لتضع هذه الإمكانيات المتطورة في متناول شريحة أوسع من المستخدمين. وفي هذا السياق أعلن عملاقا التكنولوجيا عن خطوة هامة تتمثل في قرب وصول اختصار مساعد جوجل الذكي جبميناي (Gemini) إلى هواتف سلسلة "جالاكسي A" الشهيرة.
في منذ وقتًا قريب كان الاعتقاد السائد يربط بين قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة كتلك التي يقدمها جبميناي أو مجموعة مزايا "Galaxy AI" من سامسونج وبين الهواتف المزودة بأعتى العتاد وأقوى المعالجات حصرًا. إلا أن هذا المفهوم بدأ يتغير تدريجيًا حيث تشير التوجهات الحالية إلى أن الهواتف الذكية من الفئة المتوسطة التي تتمتع بمواصفات عتادية جيدة ستتمكن في المستقبل القريب من تقديم تجربة ذكاء اصطناعي تضاهي تلك الموجودة في الأجهزة الرائدة.
ووفقًا لما أعلنته سامسونج سيتم توفير اختصار لتفعيل مساعد جيميناي من خلال الضغط المطول على زر التشغيل (الطاقة) في هواتف سلسلة جالاكسي A. ومن المقرر أن تبدأ هذه الميزة بالتوفر أولاً للأجهزة التي تم إطلاقها في الأسواق بين عامي 2023 و 2025. ومن المتوقع أن يبدأ طرح التحديث البرمجي الذي يتضمن هذه الإضافة اعتبارًا من أوائل شهر مايو.
وسيلعب الإصدار القادم من واجهة المستخدم الخاصة بسامسونج One UI 7 دورًا محوريًا في تقديم هذه القدرات الذكية على متن أجهزة جالاكسي A حيث سيتم دمج جيميناي وتوفيره ضمن بيئة هذه الواجهة ونظام التشغيل أندرويد 15. وفي الواقع يعكس تركيز سامسونج على توسيع نطاق استخدام جيميناي عبر اختصار زر التشغيل برنامجًا جادًا وطموحًا من قبل الشركة لتعزيز حضورها بقوة في عالم الذكاء الاصطناعي المتسارع التطور.
إن وصول مساعد جوجل جيميناي إلى هواتف الفئة المتوسطة من سامسونج يمثل نقلة نوعية تتجاوز مجرد إضافة اختصار جديد. جيميناي ليس مجرد مساعد صوتي تقليدي بل هو أحدث وأقوى نماذج الذكاء الاصطناعي التي طورتها جوجل حتى الآن وهو مصمم ليكون متعدد الوسائط أصلاً أي أنه قادر على فهم ومعالجة وتوليد أنواع مختلفة من المعلومات مثل النصوص والصور والصوت والفيديو والتعليمات البرمجية بطريقة متكاملة وسلسة.
يأتي جميناي في عدة إصدارات لتلبية احتياجات متنوعة: جميناي نانو (Gemini Nano) المصمم للعمل بكفاءة عالية على الأجهزة المحمولة مباشرة ويتيح تنفيذ مهام ذكية حتى بدون اتصال بالإنترنت مثل تلخيص التسجيلات الصوتية أو اقتراح ردود ذكية في تطبيقات المراسلة، وجميناي برو (Gemini Pro) الذي يوفر توازنًا بين الأداء القوي وقابلية التوسع لمجموعة واسعة من المهام، وجميناي ألترا (Gemini Ultra) وهو النموذج الأكثر قدرة والمخصص للمهام شديدة التعقيد والتي تتطلب استدلالًا متقدمًا.
![]() |
| جوجل وسامسونج تجلبان مساعد Gemini إلى هواتف Galaxy A |
هذا التكامل مع جميناي سيعزز بشكل كبير مجموعة مزايا Galaxy AI التي قدمتها سامسونج سابقًا والتي تشمل أدوات مثل الترجمة الفورية للمكالمات ومساعد التدوين ومساعد تعديل الصور حيث يمكن لجيميناي أن يعمل كقوة دافعة لهذه الميزات ويضيف إليها قدرات جديدة لا سيما في التفاعل مع تطبيقات سامسونج الأصلية مثل التقويم والملاحظات والمذكرات وتنفيذ مهام متقاطعة بين التطبيقات عبر أوامر صوتية بسيطة.
تجربة المستخدم مع اختصار جميناي الجديد ستكون بديهية وسريعة فبمجرد الضغط المطول على زر التشغيل ستظهر واجهة جميناي بشكل مصغر أسفل الشاشة بحيث يتيح للمستخدمين إدخال استفساراتهم نصيًا أو صوتيًا أو حتى الدخول في وضع Gemini Live وهو أشبه بجلسة عصف ذهني تفاعلية مع الذكاء الاصطناعي لاستكشاف الأفكار أو التحضير لعروض تقديمية أو الحصول على مساعدة إبداعية.
وقد أشارت بعض التقارير إلى إمكانية تخصيص هذا الزر للاختيار بين تفعيل جميناي أو مساعد سامسونج الخاص بيكسبي (Bixby) ما يمنح المستخدم مرونة أكبر. كل هذا أصبح ممكنًا بفضل الأساس البرمجي المتين الذي توفره واجهة One UI 7 المبنية على نظام أندرويد 15.
هذه التحديثات لا تقتصر على دمج جيميناي فحسب بل تشمل تحسينات واسعة في كيفية تفاعل نظام التشغيل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقديم أدوات مساعدة إضافية مثل مساعد (Writing Assist) الذي يقدم اقتراحات لتحسين النصوص وتنسيقها وممحاة الصوت (Audio Eraser) التي تسمح بإزالة الأصوات غير المرغوب فيها من مقاطع الفيديو وهذا قد يدل على أن سامسونج تريد تعميم فوائد الذكاء الاصطناعي.
تندرج هذه الخطوة ضمن استراتيجية سامسونج الأوسع لجعل الذكاء الاصطناعي في متناول الجميع وهو ما أطلقت عليه في سياق هواتف الفئة "A" اسم "Awesome Intelligence" أو الذكاء الرائع بهدف كسر الحواجز وتقديم تجارب كانت حكرًا على الهواتف الأحدث الفوائد المباشرة لمستخدمي هواتف جالاكسي A ستكون ملموسة في حياتهم اليومية بدءًا من الحصول على إجابات سريعة ودقيقة عن استفساراتهم ومرورًا بتلخيص المقالات الطويلة أو رسائل البريد الإلكتروني ووصولًا إلى المساعدة في التخطيط للرحلات أو اقتراح أفكار للهدايا أو حتى توليد محتوى إبداعي كالقصائد أو النصوص التسويقية الأولية.
إن تزويد الهواتف المتوسطة بهذه القدرات الذكائية المتقدمة لا يرفع من قيمتها فحسب بل يغير أيضًا من توقعات المستخدمين تجاه هذه الفئة من الأجهزة ويشعل المنافسة بين الشركات لتقديم أفضل ما لديها في مجال الذكاء الاصطناعي ما يعود بالنفع في نهاية المطاف على المستهلك الذي سيحصل على هواتف مفيدة وأكثر ذكاءً وبتكلفة معقولة.
