شهدت محركات البحث على أجهزة آبل تغييرات ملحوظة بعد أكثر من عقدين من الزمن حيث قال نائب رئيس قسم الخدمات في شركة آبل - إيدي كيو، عن تراجع ملحوظ في عدد عمليات البحث التي تتم عبر محرك البحث جوجل على متصفح سفاري. هذا الانخفاض جاء بعد 22 عاماً من السيطرة شبه المطلقة لجوجل على عمليات البحث في هذا المتصفح وهو ما يعكس تحولات كبيرة في سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم. السبب الرئيسي وراء هذا التراجع يعود إلى انتشار وتزايد الاعتماد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تقدم طرقاً جديدة وأكثر تفاعلية للبحث والحصول على المعلومات مثل Gemini وPerplexity وChatGPT وMicrosoft Copilot والتي بدأت تجذب المستخدمين بعيداً عن البحث التقليدي عبر جوجل.
هذه الأدوات الحديثة تعتمد على تقنيات متقدمة للذكاء الاصطناعي تسمح للمستخدمين بالحصول على إجابات دقيقة ومفصلة بشكل فوري ما يجعل تجربة البحث أكثر سهولة وفعالية مقارنة بالطرق التقليدية التي تعتمد على قوائم النتائج والنقر عليها ومن هنا بدأ المستخدمون يفضلون هذه الحلول الذكية التي توفر عليهم الوقت والجهد وهو ما أدى إلى انخفاض عدد عمليات البحث التي تتم عبر جوجل في متصفح سفاري. وبالرغم من هذا التراجع لا تزال جوجل تدفع مبالغ ضخمة تصل إلى حوالي 20 مليار دولار سنوياً لشركة آبل مقابل أن تكون محرك البحث الافتراضي في أجهزتها.
![]() |
تراجع استخدام جوجل على سفاري مع صعود الذكاء الاصطناعي |
في المقابل كشفت آبل عن نيتها في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع داخل متصفح سفاري الأمر الذي قد يغير قواعد اللعبة تماماً في المستقبل القريب هذه الخطوة تعكس رغبة الشركة في مواكبة التطورات التقنية وتقديم تجربة مستخدم متطورة تجمع بين سهولة الاستخدام وقوة الذكاء الاصطناعي بحيث يقلل من الاعتماد على محركات البحث التقليدية ويعزز من مكانة آبل في هذا المجال. من جهة أخرى لا تزال جوجل تحاول الحفاظ على موقعها من خلال تطوير خدماتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي لكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل المنافسة المتزايدة من قبل شركات أخرى تستثمر بشكل مكثف في هذه التكنولوجيا.
هذا التحول في سلوك المستخدمين يؤثر بشكل مباشر على نماذج الأعمال التي تعتمد عليها شركات التكنولوجيا الكبرى خاصة تلك التي تعتمد على الإعلانات والزيارات الناتجة عن عمليات البحث. فمع تراجع عدد عمليات البحث التقليدية تتعرض الشركات التي تعتمد على هذه الزيارات لخطر فقدان جزء كبير من عائداتها وبالتالي هي بحاجة إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها وتطوير حلول جديدة تتماشى مع العصر الرقمي الحديث. كما أن هذا التغيير يفتح الباب أمام فرص جديدة للشركات الناشئة والمطورين الذين يركزون على الذكاء الاصطناعي وتقديم خدمات مبتكرة تلبي احتياجات المستخدمين المتغيرة.
على صعيد آخر يظهر هذا التطور أيضاً التحديات التي تواجهها الشركات الكبرى مثل آبل وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي حيث يتطلب الأمر استثمارات ضخمة وابتكارات مستمرة للحفاظ على الريادة. فمثلاً تأخرت آبل في إطلاق نسخة محسنة من مساعدها الصوتي "سيري" التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي ما دفعها إلى البحث عن شراكات مع شركات أخرى لتسريع دمج هذه التقنيات في منتجاتها.