الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل

في قلب كاليفورنيا وتحديدًا ضمن أسوار مختبرات بالغة السرية في سانتا باربرا، يمكث فريق من أبرز علماء جوجل على تحقيق إحدى أكثر الرؤى طموحًا في تاريخ الشركة: تطوير حواسيب كمومية هي الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. هذه الأجهزة الثورية يُنتظر منها أن تفتح آفاقًا لحل معضلات استعصت على الحواسيب التقليدية بل وبدت مستحيلة من منظور قدراتها الحالية.

تستمد الحوسبة الكمومية قوتها من قوانين ميكانيكا الكم مثل مبادئ التراكب والتشابك الكمومي لتنفيذ عمليات حسابية تتجاوز حدود قدرة الحواسيب الكلاسيكية، إما لكونها شديدة التعقيد وتستغرق وقتًا هائلاً أو لأنها ببساطة خارج نطاق إمكانياتها. ورغم أن الحوسبة الكمومية تُعد على نطاق واسع الخطوة الجبارة التالية في مسيرة التطور التكنولوجي لا يزال الإجماع غائبًا حول المسار الأمثل لمستقبلها.

وعلى الرغم من هذه الشكوك المنتشرة تضخ جوجل استثمارات ضخمة في هذا المشروع فالوصول إلى التفوق في مجال الحوسبة الكمومية قد يمثل عاملًا حاسمًا في ريادة الشركة مستقبلًا خاصة في ساحة الذكاء الاصطناعي المتنامية. ولكن على الجانب الآخر إذا ما تعثر المشروع فإن جوجل قد تجد نفسها مرة أخرى متأخرة في سباق كانت هي من أوائل رواده. وقد طرحت شبكة CNBC في تقرير مصور تساؤلًا محوريًا: هل تقف جوجل على أعتاب إنجاز تاريخي أم أنها تتجه نحو إخفاق مدوٍ آخر يضاف إلى سجلها؟

مستقبل الحوسبة الكمومية: بين التوقعات الجريئة والتحديات الكبرى

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل

من بين أكثر النقاشات إثارة للجدل في عالم الحوسبة الكمومية اليوم يبرز التساؤل حول الجدول الزمني لتأثيرها الفعلي على حياتنا ومؤخرًا أشعلت جوجل حماس المهتمين بهذا المجال عبر إطلاق عد تنازلي جديد متوقعة أن نشهد أولى التطبيقات العملية للحوسبة الكمومية في غضون السنوات الخمس القادمة.

هذا التوقع من جوجل يبدو جريئًا للغاية بالمقارنة مع تقديرات أكثر تحفظًا من المنافسين الآخرين في هذا المجال فعلى سبيل المثال، يرى جنسن هوانغ - الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا والذي يعتبره الكثيرون "عراب الحوسبة" أن الوصول إلى تطبيقات حقيقية للحوسبة الكمومية سيستغرق عشرين عامًا على الأقل وهي وجهة نظر يتفق معها العديد من الخبراء الذين يتوقعون أن يتحقق هذا الهدف في مستقبل أبعد من عقد واحد.

ووسط هذا التباين يُطرح سؤال جوهري نفسه: هل ستلقى الحوسبة الكمومية مصير التقنيات التي تم الترويج لها بشكل مبالغ فيه أم أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على مستقبلها؟ هذا السؤال سبق وأن طُرح حول الذكاء الاصطناعي قبل طفرته الكبيرة في عام 2022. وحتى حول الحواسيب الأولى عند ظهورها ففي بداية عهد الحواسيب كانت تطبيقاتها محصورة غالبًا في مجال الأبحاث العلمية ولكن مع تطور التقنية انبثقت فرص لم يكن ليتخيلها حتى الرواد الأوائل.

وقد علق بيل غيتس - المؤسس المشارك لمايكروسوفت، قائلًا: "من المحتمل أن يكون جنسن هوانغ مخطئًا ففي غضون ثلاث إلى خمس سنوات قادمة قد تتمكن إحدى هذه التقنيات من إنتاج عدد كافٍ من الكيوبتات المنطقية الحقيقية وحل مسائل معقدة."

إن الحوسبة الكمومية قادرة على فتح آفاق جديدة أمام الأسواق الناشئة وتجاوز المشكلات التي ظلت عالقة في الماضي وتحقيق أرباح طائلة لروادها. ومع ذلك يظل محدودية الخيال البشري أحد أكبر العوائق أمام التنبؤ بمستقبل هذه التقنية وفي خطوة مهمة على هذا الطريق كشفت جوجل عن شريحتها "ويلو" (Willow) في أواخر عام 2024.

إنجازات جوجل الكمومية: حل مسائل فائقة التعقيد في دقائق معدودة

شكلت اللحظة التي تمكن فيها باحثو جوجل بمساعدة شريحة "ويلو" من حل مسألة بالغة الصعوبة في غضون خمس دقائق فقط نقطة تحول في تاريخ الحوسبة الكمومية. فهذه المسألة كانت تتطلب من أقوى الحواسيب الفائقة التقليدية في العالم زمنًا يقدر بحوالي عشرة سبتيليون سنة لحلها وهو رقم يتجاوز بكثير عمر الكون المعروف.

لم يكن هذا النجاح مجرد محاكاة أو تنبؤ نظري بل استطاعت جوجل بشريحتها الكمومية أن تحل مشكلة حقيقية مبرهنة بوضوح على أن الحوسبة الكمومية قابلة للتطبيق عمليًا وليس فقط نظريًا ولقد كان هذا الإنجاز بمثابة إثبات ملموس لقدرات هذه التقنية ما أضفى عليها وزنًا ومصداقية جديدين.

ولم تتوقف إنجازات جوجل عند هذا الحد فقد نجحت شريحة الشركة الجديدة ويلو بشكل ملحوظ في تقليل معدلات الخطأ وتحدث الأخطاء في الحوسبة الكمومية بسبب حساسية الكيوبتات للضوضاء والاضطرابات البيئية ويعد تقليلها ضروريًا لبناء حواسيب كمومية موثوقة.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
شريحة جوجل الكمومية

في عالم الحوسبة الكمومية أصبحت الأخطاء واحدة من أكبر عوائق التطور: فحتى في أفضل الظروف المتاحة عادة ما يقع خطأ واحد بعد كل ألف عملية بسيطة وهذا المعدل من الخطأ غير مقبول على الإطلاق لإجراء عمليات حسابية معقدة تتطلب مليارات أو تريليونات الخطوات.

قدمت جوجل مع "ويلو" حلًا مستدامًا لتقليل الأخطاء وهذا التقدم الذي يعتمد على زيادة عدد الكيوبتات وتحسين التحكم الدقيق بها يُعد خطوة حاسمة نحو تحقيق تطبيقات واقعية في الحوسبة الكمومية؛ تطبيقات يمكن أن تساهم في حل تحديات طبية معقدة واكتشاف مواد جديدة بخصائص استثنائية والإجابة على أسئلة جوهرية في مجال علم الكونيات.

"لقد دفعت جوجل بشريحة "ويلو" حدود الحوسبة الكمومية إلى آفاق جديدة."

رغم كل هذه التطورات يجب الاعتراف بأن الطريق أمامنا لا يزال طويلًا وشاقًا لحل مشكلات حقيقية مثل تصميم أدوية مبتكرة أو اكتشاف مواد ذات خصائص فريدة نحتاج إلى عمليات حسابية تتضمن مليارات أو حتى تريليونات العمليات، بعبارة أخرى نحن نقف في بداية مسار علمي طويل يتطلب تجاوز تحديات معقدة.

وقد عاش الصحفيون لحظات مثيرة خلال زيارتهم الأخيرة لمختبر جوجل الكمومي في سانتا باربرا؛ هذه الشريحة التي يقول الخبراء إنها أقوى حتى من الحواسيب الفائقة تُعرف كنقطة تحول في عالم الحوسبة الكمومية ومن بين السمات المذهلة لهذا المختبر ثلاجة التبريد بالتمديد (dilution refrigerator) التي تخفض درجة حرارة الشرائح إلى درجات منخفضة للغاية. في هذا الجهاز توجد وحدات التحكم في درجة حرارة الغرفة بينما تعمل الشريحة في الجزء السفلي من الثلاجة عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق.

عقب الكشف عن شريحة "ويلو" في أواخر عام 2024 شهدت أسهم جوجل نموًا ملحوظًا وأضفى هذا الإنجاز الكمومي قيمة كبيرة على شركات قطاع الكوانتم. سرعان ما لفت هذا النجاح انتباه الأسواق المالية والمستثمرين ولكن وسط هذا الحماس اتضح أن جوجل قد خطت خطوة مهمة في هذا المجال لم يتمكن المنافسون الآخرون بعد من مجاراتها.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
الصورة اليمنى تظهر شريحة كمومية معقدة تدير الكيوبتات لإجراء حسابات حساسة، بينما تُظهر الصورة اليسرى البنى التحتية الداعمة لهذه الأنظمة والتي تتواصل عبر شبكة معقدة.

بإنجازها المذهل في مشروع "ويلو" أحدثت جوجل عاصفة في عالم الكوانتم ودفعت منافسيها العمالقة في عالم التكنولوجيا مثل أمازون ومايكروسوفت إلى المسارعة بالتحرك وسرعان ما دخلت هذه الشركات الميدان بشرائحها الكمومية الخاصة لكن السوق والمستثمرين لم يتأثروا بالقدر نفسه وهذا أظهر أن جوجل تمتلك ورقة رابحة لا يمتلكها الآخرون.

ولكن لماذا تصر جوجل على الاستثمار بكثافة في مجال الحوسبة الكمومية؟ يكمن عامل الجذب الرئيسي في قدرة هذه التقنية على حل مشكلات لا تستطيع أي تقنية أخرى حلها وإدراكًا منها لهذه الإمكانات وثقتها بالتطبيقات الواسعة للحوسبة الكمومية اتجهت جوجل نحو استثمار طويل الأمد في هذا المجال.

"بينما استحوذت OpenAI على الاهتمام بـ ChatGPT، فإن جوجل تواصل تقدمها في الحوسبة الكمومية والتقنيات المتقدمة."

باختصار يمكن تلخيص إنجازات جوجل في مجال الحوسبة الكمومية كما تجلت في مشروع ويلو في نقطتين رئيسيتين:

  • التفوق على الحواسيب الفائقة: خطت ويلو الخطوة الكبرى الأولى في المقارنة مع أضخم الحواسيب الفائقة في العالم فقد تمكن المشروع من حل مسألة كان سيستغرق حلها بواسطة حاسوب فائق عشرات السبتيليونات من السنوات في غضون دقائق معدودة فقط. يُظهر هذا الإنجاز القوة الهائلة للحوسبة الكمومية وقدرتها على زيادة سرعة المعالجة بشكل كبير.
  • تصحيح الخطأ الكمومي: أثبتت هذه الشريحة أنه يمكن تصحيح الأخطاء الكمومية بشكل كبير ما يعني أنه في المستقبل يمكننا بناء أنظمة كبيرة قادرة على حل المشكلات المعقدة والتطبيقية.

المنافسة الكمومية بين جوجل ومايكروسوفت وأمازون

في التاسع عشر من فبراير 2025 كشفت مايكروسوفت عن "قفزتها الكمومية" المتمثلة في شريحة "مايورانا 1" (Majorana 1) القائمة على معمارية جديدة تُعرف بـ "النواة الطوبولوجية" ولم تقف أمازون مكتوفة الأيدي بل دخلت الميدان كوافد جديد جريء بإعلانها عن أول شريحة كمومية لها باسم "أوسيلوت" (Ocelot). وفي حين ادعت مايكروسوفت أن شريحة مايورانا 1 يمكنها احتواء ما يصل إلى مليون كيوبت على شريحة واحدة مع تقليل معدل الخطأ في الوقت نفسه وأعلنت أمازون عن تخفيض تكاليف تصحيح الخطأ الكمومي بنسبة 90% مقارنة بالطرق الحالية.

أثارت هذه التطورات موجة من الحماس في عالم الكوانتم تمثلت في جانبان رئيسيان: من ناحية الأمل في تحقيق الإمكانات الهائلة للحوسبة الكمومية في المستقبل، ومن ناحية أخرى المنافسة المحتدمة بين الشركات الكبرى للاستحواذ على هذه السوق الناشئة.

ومع ذلك لم تكن كل هذه الإنجازات مؤثرة بالقدر نفسه فالضجة الأولية التي أحاطت بالشرائح الكمومية من جوجل ومايكروسوفت وأمازون لم تستطع أن تهز السوق بشكل كبير وبدت أشبه بخارطات طريق للمستقبل منها إلى أدلة ملموسة وعملية. وبشكل خاص أصبح ادعاء مايكروسوفت بشأن شريحة "مايورانا" الآن تحت مجهر المجتمع العلمي وفي غياب أدلة مقنعة على أداء الكيوبتات في هذه الشريحة لا يزال العلماء ينتظرون نشر مقالة علمية موثقة لإثبات ادعاءات الشركة.

تسعى مايكروسوفت إلى بناء كيوبتات مثالية من خلال خلق حالات جديدة للمادة تُعرف بحالات مايورانا وهذه النظرية جيدة حقًا وإذا تم بناء جهاز بالخصائص الدقيقة المطلوبة يمكنه إنتاج كيوبتات قوية جدًا. لكن التحدي الرئيسي يكمن في أن الأجهزة الحالية ليست "نقية" أو مثالية بما فيه الكفاية بعد، بعبارة أخرى يجب أن تكون الأجهزة خالية من أي نوع من الأخطاء الكمومية أو الضوضاء الخارجية لتتمكن من إجراء الحسابات بدقة واستقرار وإلا فإن جودة الكيوبتات ستتأثر وبالتالي يعني ذلك التأثير على أداء النظام.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
ماجورانا تشيب 1

تراهن مايكروسوفت على نظرية طويلة الأمد وعالية المخاطر لم يتم إثباتها بعد وتحاول الشركة تطوير تقنيات مبتكرة لبناء حواسيب كمومية لكنها لم تتمكن حتى الآن من بناء كيوبت عملي وقابل للتطبيق.

يعود جزء من هذه المشكلة إلى التاريخ الغامض لمشروع مايورانا ففي عام 2018 ادعت مايكروسوفت أنها نجحت في إنشاء أنماط مايورانا الصفرية (أحد المكونات الرئيسية للكيوبتات الطوبولوجية) وتستخدم الكيوبتات الطوبولوجية خصائص المادة الطوبولوجية لتقليل الحساسية للأخطاء ويمكن أن تكون أكثر مقاومة للاضطرابات البيئية ولكن حتى الآن لم يتم تقديم دليل تجريبي قاطع على وجودها. وبدون إثبات وجود جسيمات مايورانا فإن الادعاء بالوصول إلى الحوسبة الكمومية باستخدام هذه الجسيمات يفتقر إلى المصداقية من وجهة نظر العديد من العلماء.

في الوقت الحالي يعتقد العديد من الخبراء أن مايكروسوفت تحتاج إلى عدة أشهر لنشر البيانات ومراجعتها بدقة وعلى الجانب الآخر تعمل أمازون أيضًا على تطوير تقنياتها في مجال الحواسيب الكمومية وقد أظهرت الشركة أنه من خلال زيادة حجم الأكواد الكمومية يمكن تحقيق أداء أفضل.

بالطبع هذه ليست سوى الخطوة الأولى في مسار طويل لكنها تحمل إمكانية أن تصبح في المستقبل خيارًا تنافسيًا وقويًا في مواجهة أساليب جوجل ويعتقد العديد من المتخصصين أن البحث عن مسارات بديلة في هذا المجال أمر ضروري لأنه لا يوجد حتى الآن إجماع حول أفضل طريقة لبناء حواسيب كمومية واسعة النطاق.

حاليًا تُعد جوجل وآي بي إم من رواد هذا المجال وتتبعان نهجًا مشابهًا ومع ذلك أصبح الحفاظ على الريادة في عالم التكنولوجيا تحديًا جديًا وبالطبع لا ينبغي أن ننسى أن الاتجاهات في عالم التكنولوجيا يمكن أن تتغير بسرعة وهو أمر تدركه جوجل جيدًا.

جوجل و OpenAI: سباق التفوق في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية

كل شيء تغير مع إطلاق ChatGPT ولم يجعل هذا الروبوت الدردشة الناس يؤمنون بالذكاء الاصطناعي فحسب بل جعل OpenAI الوجه الأبرز لثورة الذكاء الاصطناعي ولكن في الحقيقة كانت جوجل هي التي أرست بهدوء وعلى مدى سنوات أسس العديد من التطورات الحالية في هذه التكنولوجيا.

ففي عام 2017 نشر باحثو جوجل ورقة بحثية مشهورة بعنوان "Attention is All You Need" حول معمارية "الترانسفورمر" (Transformer) وهي نفس المعمارية التي تقف خلف ChatGPT ومعظم النماذج اللغوية الكبيرة. تم تصميم الترانسفورمر خصيصًا لمعالجة اللغة الطبيعية ويسمح لأنظمة الذكاء الاصطناعي بفهم العلاقات طويلة المدى بين الكلمات أو الجمل بشكل أفضل وأحدثت هذه المعمارية ثورة في تعلم الآلة وحسنت بشكل كبير كفاءة النماذج اللغوية.

ابتكرت جوجل معمارية الترانسفورمر لكنها لم تقم بتسويقها تجاريًا بشكل مباشرو لهذا السبب ظل معظم الناس غير مدركين لها وفي المقابل نجحت OpenAI في جذب الانتباه من خلال تقديم منتج بسيط وسهل الوصول ومفيد وطرحت هذه التقنية تجاريًا.

لكن الآن قد تجد جوجل مع معالج ويلو فرصة جديدة للتفوق في مجال الكوانتم ويمكن أن تتحول هذه الفرصة إلى لحظة تجارية كبيرة وتحول أبحاث جوجل إلى حقائق ملموسة ومسوقة تجاريًا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن للمشكلات الحالية التي تواجهها جوجل بما في ذلك الافتقار إلى الشفافية بشأن مشاريع جيميني (Gemini) وعدم وضوح الدور الذي ستلعبه هذه التقنيات في العالم الحقيقي أن يتم تعويضها بالتقدم في الحوسبة الكمومية؟ يُذكر أن جيميناي هو مشروع في جوجل لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة يمكن أن تتآزر مع الحوسبة الكمومية.

لقد وصلت المنافسة في عالم الحوسبة الكمومية إلى نقطة حساسة ويعتقد البعض أن الحوسبة الكمومية يمكن أن تعزز الذكاء الاصطناعي بشكل كبير وتحسن وضع جوجل في هذه المنافسة. وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي يبدو أن الأنظمة المستقبلية ستستمر في الاعتماد بشكل كبير على الحوسبة التقليدية ولكننا سنشهد أنظمة هجينة يضاف إليها معالج كمومي وهذا المزيج يمكن أن يرتقي بالكفاءة وقوة المعالجة إلى مستوى جديد.

تخزين البيانات أحد تطبيقات الحوسبة الكمومية المحتملة

أحد المجالات المحتملة لاستخدام الحوسبة الكمومية هو تخزين البيانات ونظريًا يمكن تخزين كمية كبيرة من البيانات الكلاسيكية بشكل مضغوط في حاسوب كمومي ومع ذلك عادةً ما تكون هذه العملية بطيئة جدًا. لذلك إذا أردنا استخدام الحاسوب الكمومي لمعالجة المشكلات المتعلقة بالبيانات الضخمة (على غرار ما نقوم به في الذكاء الاصطناعي التقليدي) فإن بطء تحميل وتنزيل المعلومات من الحاسوب الكمومي قد يبطل ميزة سرعة الحوسبة.

خلق بيانات جديدة

أحد التطورات المحتملة الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي هو خلق بيانات جديدة ولقد وصلت تطورات الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة تواجه فيها مشكلة نقص البيانات الحديثة وعالية الجودة اللازمة للتدريب وبشكل خاص كلما أصبحت النماذج أكثر تقدمًا زادت حاجتها إلى بيانات جديدة بوتيرة أسرع من ذي قبل.

من خلال محاكاة الأنظمة الفيزيائية المعقدة يمكن للحوسبة الكمومية إنشاء مجموعات بيانات جديدة واصطناعية لا تستطيع الحواسيب الكلاسيكية إنتاجها وهذه البيانات المبتكرة والفريدة يمكن أن تساهم في تحقيق تقدم جديد في الذكاء الاصطناعي وتقديم حلول لمشكلات أكثر تعقيدًا.

في عالم فيزياء الكوانتم الغامض تُطرح ادعاءات كثيرة بأن الحوسبة الكمومية يمكن أن تحدث ثورة كبرى في الذكاء الاصطناعي ولكن يجب القول إن هذه الادعاءات جزء كبير منها لا أساس لهُ من الصحة وأن 90% منها على الأقل لا تعكس الواقع حاليًا. حتى جوجل نفسها ليست متأكدة تمامًا من هذا الأمر ومع تواصل الشركة التركيز بجدية على التطبيقات الحقيقية لهذه التقنية.

"90% على الأقل من الادعاءات حول دور الحوسبة الكمومية في الذكاء الاصطناعي لا تمت للواقع بصلة."

يريد الباحثون معرفة متى ستتمكن الحواسيب الكمومية من حل المشكلات التي لا تستطيع حتى الحواسيب الفائقة التعامل معها بكفاءة وفي النتائج العلمية التي تنشرها جوجل يتم دائمًا إجراء هذه المقارنات للتأكد من أن التقنية الكمومية ستكون قابلة للاستخدام في الواقع العملي والعالم الحقيقي وتعتقد جوجل أن الخطوة الأولى في هذا المسار هي إجراء هذه المقارنات بدقة وعندما تصل هذه الدراسات العلمية إلى نتيجة قاطعة يجب حينها تركيز الجهود على تطوير المنتج النهائي وتسويق التقنية تجاريًا.

كيف ستغير الحوسبة الكمومية مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

وفقًا لخبراء جوجل يمكن للحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي أن يكملا بعضهما البعض بشكل جيد حيث يمكن للحوسبة الكمومية أن تولد بيانات لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي فعلى سبيل المثال يُعد "ألفا فولد" (AlphaFold) أحد التطبيقات المثيرة للاهتمام للحوسبة الكمومية في مجال الذكاء الاصطناعي والذي صممته جوجل للتنبؤ بالبنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات. والبروتينات هي جزيئات معقدة تلعب أدوارًا حيوية في الجسم وبالتالي فإن فهم بنيتها الدقيقة مهم جدًا لفهم كيفية عملها. وسابقًا كانت هذه التنبؤات تتطلب طرقًا تجريبية تستغرق وقتًا طويلًا ومكلفة للغاية لكن "ألفا فولد" استطاع باستخدام بيانات تعتمد على فيزياء الكوانتم التنبؤ ببنية البروتينات بدقة عالية جدًا.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
تقديم ألفا فولد

يستطيع هذا النظام باستخدام مبادئ ميكانيكا الكم نمذجة التفاعلات بين الذرات والجزيئات التي تحدث على المستوى الكمومي وتقديم تنبؤات أكثر دقة لبنية البروتينات. هذه القدرة جعلت "ألفا فولد" واحدًا من الإنجازات البارزة في علم الأحياء والطب وساهمت في تسريع وتيرة الأبحاث العلمية في مجال علاج الأمراض وتصميم الأدوية الجديدة.

وبالطبع لا يزال هذا التطبيق محدودًا ولكن مع المزيد من التقدم في الحوسبة الكمومية يمكن إنتاج المزيد من البيانات التي تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي على تقديم تنبؤات وتحليلات أكثر دقة.

تتوقع جوجل أنه في غضون السنوات الخمس المقبلة سنشهد تطورات ملحوظة في مجال التطبيقات العملية للحوسبة الكمومية وستتجلى هذه التطورات بشكل أكبر في حل المشكلات التي لا تزال تشكل تحديًا للحواسيب الفائقة.

"في غضون 5 سنوات سنشهد تقدمًا كبيرًا في التطبيقات الحقيقية للكوانتم." - جوجل

تُعد محاكاة العمليات الكمومية في مختلف الصناعات أحد المجالات التي يمكن للحوسبة الكمومية أن تُحدث فيها تغييرات ثورية ومن بين التطبيقات المثيرة للاهتمام للحوسبة الكمومية في الصناعة إنتاج الأسمدة الكيماوية. فحاليًا تتطلب عملية إنتاج الأسمدة بطريقة هابر-بوش درجات حرارة وضغطًا عاليين جدًا وهو ما يؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من الطاقة. تستخدم هذه الطريقة درجات حرارة تصل إلى حوالي 400 درجة مئوية وضغطًا يبلغ 200 ضغط جوي لتحويل نيتروجين الغلاف الجوي إلى أمونيا وهي أحد المكونات الرئيسية للأسمدة الكيماوية ويمكن للحوسبة الكمومية أن تساعد في محاكاة هذه العملية بدقة أكبر وتهيئة الظروف التي تستهلك طاقة أقل.

تأمل جوجل أنه من خلال الاستفادة من الحوسبة الكمومية يمكن محاكاة العمليات المشابهة لما يحدث في الطبيعة بواسطة البكتيريا عند درجة حرارة وضغط قياسيين. هذا التقدم لن يساعد فقط في حل المشكلات البيئية بل سيقلل أيضًا بشكل كبير من استهلاك الطاقة في إنتاج الأسمدة ولكن السؤال هو: ما التغييرات التي سنراها في السنوات الخمس المقبلة؟

وفقًا لخبراء جوجل ستظهر أولى التطبيقات الحقيقية للحوسبة الكمومية في المجالات العلمية وخاصة الفيزياء وستكون الحوسبة الكمومية قادرة على حل المشكلات التي تشكل تحديًا للحواسيب الفائقة بدقة أكبر.

وتؤكد جوجل على أن هذه التطورات يجب أن تُختبر بدقة وبشكل علمي حتى يمكن الادعاء رسميًا بتحقيق النجاح، هذا النوع من التقييم الدقيق لا يزيد فقط من مصداقية الحوسبة الكمومية بل يساعد أيضًا في بناء الثقة العامة ويدفعنا نحو إنجازات أكبر في المستقبل القريب.

كيف تغير جوجل مستقبل التكنولوجيا؟

إحدى النقاط الرئيسية التي توليها جوجل اهتمامًا كبيرًا هي التقييم الدقيق والعلمي للمسائل المختلفة التي تعمل عليها وتعتزم جوجل فحص الادعاء القائل بأن "الحاسوب الكمومي يتفوق على النماذج الكلاسيكية في حل مشكلة معينة" من خلال تجارب علمية جادة ومقارنات دقيقة مع الخوارزميات الكلاسيكية.

عندما قال جنسن هوانغ - الرئيس التنفيذي لإنفيديا، إننا على بعد 15 عامًا على الأقل من الحوسبة الكمومية خيم ظل من اليأس على أجواء هذه التقنية لكن جوجل لديها وجهة نظر مختلفة فيعتقد عملاق البحث العالمي أن الحوسبة الكمومية تنطوي على تعقيدات كثيرة وأن كل شيء يعتمد على الزاوية التي ننظر منها إليها.

تعتقد جوجل أنه مع بدء الثورة الكمومية ستظهر علاماتها بسرعة وبواسطة الحوسبة الكمومية يمكننا القيام بأشياء لا تستطيع أي تقنية أخرى القيام بها. وبمرور الوقت سيرى الجميع تأثير الحوسبة الكمومية في حل المشكلات. جوجل واثقة من هذا المسار لأنها تعلم أنها تمتلك القدرة على حل مشكلات لا يمكن لأي شيء آخر أن يقدم لها إجابات.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
يعمل موظفو جوجل على تطوير ثلاجة تخفيف تحتوي على الشريحة وتحافظ عليها في درجة حرارة منخفضة للغاية

تؤمن جوجل بأن يومًا مشابهًا لما حدث لـ ChatGPT ينتظر الحوسبة الكمومية يوم تنتقل فيه هذه التقنية من عالم الأبحاث العلمية إلى العالم الحقيقي والتطبيقات العملية وفي السنوات القليلة المقبلة سيكون أكبر إنجاز للحوسبة الكمومية هو حل المشكلات التي لا يمكن حلها إلا بواسطة الحواسيب الكمومية.

"باستثمارها في الحوسبة الكمومية تسعى جوجل لحل المشكلات التي لا تستطيع أي تقنية أخرى حلها."

يعتقد باحثو جوجل أن التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي لا تزال بعيدة بعض الشيء ولكي نفهم ما إذا كنا نقترب من هذه اللحظة يجب علينا معرفة ما هي التطورات التي يجب أن نشهدها؟ للإجابة على هذا السؤال ويجب أن نولي اهتمامًا للتطورات التي تحدث بالفعل.

في جوجل توجد خارطة طريق واضحة لتطوير الأجهزة تنقسم إلى قسمين رئيسيين:

  • الأجهزة (Hardware): هدف جوجل في هذا القسم هو بناء نموذج قابل للتطوير من الحاسوب الكمومي مع قدرة على تصحيح الخطأ في الواقع يسعون جاهدين لبناء حاسوب يمكنه تصحيح الأخطاء الشائعة في الحوسبة الكمومية.
  • التطبيقات (Applications): تركز جوجل في هذا القسم على تحديد التطبيقات العملية التي يمكن أن تستفيد من الحوسبة الكمومية.

يُعد مشروع "ويلو" الخطوة الأولى في مسار بناء الحاسوب الكمومي وبعد اكتمال بناء الحاسوب الكمومي تريد جوجل دمجه مع التطبيقات العملية للاستفادة من قدرته الحاسوبية بأفضل طريقة ممكنة وفي هذه المرحلة سيبدأ الازدهار الحقيقي للحوسبة الكمومية وستدخل هذه التقنية إلى العالم الحقيقي بشكل فعال.

إحدى النقاط البارزة في هذا السياق هي الجدول الزمني للتطورات خلافًا للتصورات الأولية يُتوقع الآن أن نشهد تحقيق التقنية الكمومية في غضون خمس سنوات ويبدو هذا التوقع الآن أكثر واقعية وتنظر إليه جوجل بثقة كاملة.

في الماضي كان الكثيرون يتصورون أن بناء حاسوب كمومي أمر مستحيل وأن فيزياءه لن تسير على ما يرام أما الآن فقد زادت الثقة في بناء هذا الحاسوب بشكل كبير. وتخصص جوجل الآن معظم وقتها لدراسة الإنجازات الكبرى التي يمكن تحقيقها بهذه التقنية وكيف يمكن استخدامها لحل المشكلات المعقدة وتحسين المجتمع.

تحدي جوجل في الحوسبة الكمومية

لدى جوجل وجهة نظر مثيرة للاهتمام حول المنافسين: فالمنافسة الحقيقية ليست مع الشركات الأخرى بل مع الحواسيب الكلاسيكية ولقد بذل البشر الكثير من الوقت والجهد لتصل الحواسيب الكلاسيكية إلى هذا المستوى من الكفاءة لذا فإن تجاوز هذه المرحلة ليس بالمهمة السهلة ومع ذلك تثق جوجل بأنها ستتغلب في النهاية على هذه التحديات.

في الماضي لم يحظ الذكاء الاصطناعي الذي تطوره جوجل بالاهتمام الكافي ولكن يُطرح سؤال هنا: هل يتم تجاهل الحوسبة الكمومية للشركة بالقدر نفسه حاليًا؟ ترى جوجل أن الكثير من الناس لم يدركوا بعد بشكل صحيح أهمية الحوسبة الكمومية والمشكلات المعقدة التي يمكن لهذه التقنية حلها. ففي مجال الحوسبة الكمومية وبسبب حداثة هذه التقنية والتغطية الإخبارية الواسعة تُنشر الكثير من المواد المتناقضة فمن ناحية تنشر بعض وسائل الإعلام أخبارًا مبالغًا فيها، ومن ناحية أخرى قد يقلل البعض من أهمية هذه التقنية لأسباب مختلفة وهذه المعلومات المتناثرة والمربكة أحيانًا تجعل من الصعب على عامة الناس تمييز ما يحدث بالفعل وما هو مجرد ضجيج.

الحوسبة الكمومية مع الذكاء الاصطناعي؛ سلاح جوجل السري لقيادة تكنولوجيا المستقبل
حاسوب كمومي

تريد جوجل حل هذا اللغز للناس وإظهار أن الحوسبة الكمومية ليست مجرد تحول علمي، بل هي تقدم هندسي كبير سيتحول في النهاية إلى حقائق ملموسة.

جوجل ومستقبل الحوسبة الكمومية من المختبرات إلى الوصول العام

تشير جوجل إلى أن الجمع بين الفيزياء والهندسة يمثل إنجازًا هائلاً ولكن قد يكون فهمه صعبًا بعض الشيء على الشخص العادي وكما شهدنا في عالم الذكاء الاصطناعي فطالما لم يتم توفير واجهة مستخدم بسيطة وسهلة الوصول للأفراد العاديين فمن الصعب فهم الأهمية الحقيقية لهذه التقنيات.

في حالة ChatGPT ظل الأمر مجرد موضوع معقد وعلمي حتى تم تقديم هذه التقنية للناس في قالب بسيط وسهل الاستخدام. السؤال هو: هل سيسير عالم الحوسبة الكمومية على نفس المنوال؟ هل سيأتي يوم يتمكن فيه الناس العاديون من استخدام الحوسبة الكمومية بسهولة؟

"التقدم في الحوسبة الكمومية مثير حقًا." - سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لجوجل

وفقًا لجوجل عندما يصل الحاسوب الكمومي المصحح للأخطاء إلى نطاق كبير وتُصمم له واجهة مستخدم مناسبة سيكون استخدام هذه التقنية أسهل بكثير وفي المتناول أكثر مما نشهده اليوم في المختبرات. حاليًا عندما يعمل شخص ما مع حاسوب كمومي يبدو الأمر أشبه بتجربة فيزيائية منه إلى تجربة مستخدم عادية ولكن مع إنشاء واجهة مستخدم مناسبة سيصبح الوصول إلى هذه التقنية أبسط لعامة الناس وسيتمكن عدد أكبر من الأفراد من استخدامها.

في عالم الذكاء الاصطناعي أثيرت مؤخرًا نقاشات حول "جدار البيانات" في إشارة إلى أن البيانات لم تعد تنمو بسهولة وأن لها حدودًا وتقول جوجل إن أحد الاستخدامات الرئيسية للحوسبة الكمومية يمكن أن يكون إنتاج بيانات جديدة وباستخدام هذه التقنية ربما يمكن التغلب على العوائق الكبيرة التي لا يمكن حلها إلا بواسطة الكوانتم وبالطبع تؤكد جوجل أن هذه الأفكار لا تزال في طور الفرضيات.

ترى جوجل أن الفرق الرئيسي بين الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي يكمن في أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية مبنية على الحواسيب الكلاسيكية وغير قادرة على فهم أو استخدام مبادئ ميكانيكا الكم بينما يمكن للحواسيب الكمومية أن تتفاعل بشكل مباشر مع كيفية عمل الكون على المستوى الأساسي وبالتالي فهي قادرة على حل مشكلات جديدة يستحيل على الحواسيب الكلاسيكية حلها.

إن مستقبل الحوسبة الكمومية لا يزال غير واضح المعالم ولكن إمكاناتها لحل أكبر التحديات التي تواجه البشرية لا يمكن إنكارها وباستثماراتها الضخمة لا تراهن جوجل على تقنية فحسب بل على تغيير جوهري لمستقبل الحوسبة إنه رهان كبير سيحدد الفائزين والخاسرين في الحقبة التكنولوجية القادمة.

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم