كشفت التطورات الأخيرة أن شركة جوجل تعمل على توسيع نطاق خدماتها المبنية على الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم خطط اشتراك متعددة تستهدف فئات متنوعة من المستخدمين. وبحسب تحليلات للأكواد البرمجية في نسخة جوجل جيميناي فإن الشركة تختبر خططًا جديدة تحمل أسماءً مؤقتة مثل AI Premium Pro وAI Premium Plus والتي من المتوقع أن تقدم مستويات مختلفة من الوصول إلى مميزات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مع تركيز خاص على فئات المستخدمين المحترفين والشركات الكبيرة.
الهدف الرئيسي من هذه الخطوة يبدو واضحًا وهو تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات من خلال تجزئة الخدمات حسب مستوى الجودة المميزات المتاحة وهي طريقة عمل مشهورة في مجال البرمجيات. وتشير الأدلة إلى أن الخطة الأعلى AI Premium Pro قد تتضمن ميزات متقدمة مثل سقف أعلى لاستخدام النماذج اللغوية الضخمة أو حتى وصول غير محدود إلى أدوات التحليل والبرمجة الذاتية بالإضافة إلى دعم تقني متخصص وخدمات أمان مُحسّنة. أما الخطة المتوسطة AI Premium Plus فهي من المرجح أن تستهدف المستخدمين العاديين أو المؤسسة الصغيرة مع ميزات محدودة مثل عدد محدد من الطلبات اليومية أو دقة أقل في المعالجة. هذا التمايز يتيح لجوجل استهداف شريحة أوسع من العملاء من الأفراد الباحثين عن تحسين إنتاجيتهم الشخصية إلى الشركات التي تحتاج حلولًا مخصصة لتحليل البيانات أو أتمتة العمليات.
لكن ما يثير الاهتمام حقًا هو الطريقة التي تسعى بها جوجل لدمج هذه الخدمات مع منصاتها الحالية خاصةً متصفح كروم وهواتف Pixel الذكية حيث يمكن أن تصبح هذه الخطط جزءًا من حزمة شاملة تشمل تخزين السحابي وخدمات الإنتاجية مثل مستندات جوجل: جوجل دوكس (Google Docs) وجداول بيانات جوجل (Google Sheets). هذا التكامل قد يمنح الشركة ميزة تنافسية إذ يتيح للمستخدمين تجربة سلسة بين الأدوات التقليدية والذكاء الاصطناعي لكنه في الوقت نفسه قد يُنظر إليه كمحاولة لتعزيز الهيمنة السوقية وهو ما قد يُثير مخاوف الجهات التنظيمية خاصةً في ظل القضايا القانونية القائمة ضد الشركة في الولايات المتحدة والمتعلقة باحتكار خدمات البحث الإلكتروني.
![]() |
| جوجل توسع نطاق خدمات الذكاء الاصطناعي المدفوعة بخطط جديدة |
من ناحية آخرى تُظهر المقارنة مع المنافسين أن هذا النهج ليس جديدًا فشركة OpenAI مثلاً تقدم خططًا مماثلة لخدمة شات جي بي تي مثل النسخة Plus للأفراد وTeam للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وEnterprise للشركات الكبرى مع تفاوت في الميزات مثل سرعة الاستجابة وعدد الطلبات اليومية. لكن ما يُميز جوجل هنا هو قوتها في السوق العالمي حيث تمتلك قاعدة مستخدمين هائلة عبر خدماتها المجانية مثل Gmail ويوتيوب الأمر الذي قد يُسهل عليها نقل المستخدمين إلى خطط الاشتراك المدفوعة.
إلى جانب ذلك تشير بعض المواقع مثل The Verge إلى أن جوجل تستثمر بشكل كبير في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي القادرة على معالجة المهام المعقدة مثل كتابة الأكواد البرمجية وتحليل البيانات الضخمة بسرعة فائقة وقد كشفت الشركة مؤخرًا عن تعاونها مع شركات تصنيع الهواتف الذكية مثل سامسونج وهواوي لدمج تقنيات Gemini في واجهات المستخدم الخاصة بأجهزتها وهو ما قد يُعزز انتشار الخدمة بسرعة. علاوةً على ذلك أعلنت جوجل سابقاً عن خطط استثمارية بمليارات الدولارات لتطوير مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي بحلول نهاية عام 2025.
![]() |
| الخطط الجديدة |
لكن التحدي الأكبر أمام جوجل لا يكمن فقط في المنافسة أو الاستثمار بل في كيفية تحقيق التوازن بين توفير خدمات مميزة وحماية خصوصية المستخدمين. ففي دراسة أجرتها مؤسسة Gartner في الربع الأول من عام 2025 وجد أن 62% من المستخدمين يشعرون بالقلق إزاء استخدام بياناتهم لتدريب النماذج اللغوية وهو ما يتطلب من الشركات تقديم ضمانات شفافة حول كيفية التعامل مع المعلومات. وفي هذا السياق أكدت جوجل مرارًا أن بيانات المستخدمين لا تُستخدم لأغراض تجارية دون موافقة صريحة لكنها في الوقت نفسه تُواجه ضغوطًا متزايدة من الحكومات لفرض تنظيمات أكثر صرامة على صناعة الذكاء الاصطناعي.
يبدو أن سباق الذكاء الاصطناعي لم يعد محصورًا في الابتكار التقني فحسب بل امتد إلى نماذج الأعمال والاستراتيجيات التسويقية. ومع استمرار الشركات في طرح خطط اشتراك متنوعة سيظل المستخدمون هم الحكم النهائي في اختيار الخدمة التي تحقق أفضل توازن بين الجودة والتكلفة والأمان. وبالنسبة لجوجل فإن نجاح خطط AI Premium Pro وPlus سيتوقف على قدرتها على تقديم قيمة مضافة حقيقية تبرر التكلفة مع الحفاظ على ثقة المستخدمين في ظل بيئة تنظيمية تتسم بالتشدد المتزايد المعتم.

