في تطور قانوني قد يغير خريطة القوى في عالم التكنولوجيا تجري وزارة العدل الأمريكية دعوى قضائية قد تؤدي إلى إجبار جوجل على بيع متصفحها الشهير كروم. بينما لا تزال الإجراءات القضائية مستمرة وقد تمتد لشهور أو حتى سنوات قبل صدور حكم نهائي بدأت بعض الشركات الكبرى تستعد بالفعل لخوض معركة شراء هذا المتصفح الذي يسيطر على ثلثي سوق المتصفحات عالمياً.
يعود اهتمام الشركات بامتلاك كروم إلى كونه البوابة الرئيسية لدخول المستخدمين إلى الإنترنت حيث يمنح هذا المتصفح جوجل حالياً القدرة على فرض محرك بحثها كمحرك افتراضي لمليارات المستخدمين. أي شركة تنجح في السيطرة على كروم لن تحصل فقط على قناة ضخمة لتوجيه المستخدمين نحو منتجاتها بل ستتمكن أيضاً من عرض خدماتها على نطاق عالمي غير مسبوق هذه الفرصة تبدو خاصة جذابة للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التي تسعى لتعزيز وجودها في السوق.
من بين الشركات التي أبدت اهتماماً علنياً بشراء كروم تبرز أسماء كبرى في عالم التكنولوجيا؛ وقد أعلن نيك تورلي - مدير منتج شات جي بي تي في أوبن إيه آي، عن رغبة الشركة في شراء المتصفح لتوسيع نطاق وصول خدماتها للمستخدمين. كما أبدت شركة بيربلكسيتي (Perplexity) التي تطور محرك بحث يعتمد على الذكاء الاصطناعي اهتماماً قوياً بالصفقة حيث يمكن أن تسرع عملية امتلاكها لكرموم من تطوير متصفحها الخاص.
أما المفاجأة فجاءت من ياهو حيث صرح مدير البحث في الشركة بأنها مستعدة لخوض غمار الصفقة التي قد تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار وفقاً لتقديرات جابريل وينبرج - الرئيس التنفيذي لدك دك جو. ورغم التكلفة الباهظة إلا أن ياهو تعول على دعم شركتها الأم أبولو جلوبال مانجمنت لإتمام الصفقة التي قد تعيد الشركة العريقة إلى واجهة المنافسة في عالم التكنولوجيا.
![]() |
لماذا تتطلع الشركات المختلفة إلى شراء Google Chrome؟ |
في المقابل من المتوقع أن تقاوم جوجل أي محاولة لإجبارها على بيع كروم سواء عبر استئناف الحكم أو محاولة تأخير التنفيذ وتمثل هذه الدعوى القضائية تحدياً وجودياً لجوجل حيث أن فقدان السيطرة على كروم قد يضعف بشكل كبير هيمنتها على سوق البحث الإلكتروني ويفتح الباب أمام منافسين جدد.
التداعيات المحتملة لهذا السيناريو تتجاوز مجرد تغيير ملكية المتصفح فقد يؤدي انتقال كروم لشركة أخرى إلى إعادة تشكيل مشهد الإنترنت بالكامل حيث ستحصل الشركة المشترية على قدرة غير مسبوقة في توجيه حركة المرور الإلكترونية وفرض معايير جديدة في عالم التصفح وهذا التحول قد يخلق فرصاً للشركات الناشئة في مجال محركات البحث البديلة بينما قد يهدد هيمنة جوجل التي استمرت لعقدين من الزمن.
وفي الخلفية تبرز معركة أكبر حول مكافحة الاحتكار في قطاع التكنولوجيا حيث تسعى الجهات التنظيمية إلى كسر هيمنة العمالقة وتوفير مساحة أكبر للمنافسة والابتكار. قرار بيع كروم إذا ما تم تنفيذه، قد يصبح سابقة مهمة في كيفية تعامل الحكومات مع قوة الشركات التكنولوجية الكبرى.
يبقى المستقبل غير واضح المعالم لكن المؤكد أن نتيجة هذه المعركة القانونية ستحدد ملامح عالم الإنترنت للسنوات القادمة فبين مقاومة جوجل واشتياق المنافسين بين رغبة الجهات التنظيمية في كسر الاحتكار وحق الشركات في حماية استثماراتها تدور رحى معركة قد تغير بشكل جذري طريقة تصفحنا للإنترنت ووصولنا إلى المعلومات.