ياهو تعلن عن استعدادها لشراء متصفح كروم

في تطور لافت ضمن المحاكمة التاريخية لقضية مكافحة الاحتكار المرفوعة ضد جوجل (Google) أعلنت ياهو (Yahoo) عن استعدادها التام لشراء متصفح كروم (Chrome) إذا ما أُجبرت غوغل على بيعه بموجب حكم قضائي مرتقب. جاء هذا الإعلان الهام خلال الجلسة الرابعة للنظر في تفاصيل القضية التي رفعتها وزارة العدل الأمريكية حيث تطالب بتفكيك غوغل وبيع أجزاء أساسية منها بما في ذلك كروم بهدف وقف احتكارها الواضح لسوق البحث الإلكتروني الذي تقدر قيمته بنحو 163.3 مليار دولار أمريكي.

لكن ياهو ليست الطرف الوحيد المهتم بهذه الصفقة المحتملة والاستراتيجية فقد أبدت شركات ناشئة مبتكرة مثل بيربلكسيتي (Perplexity) و أوبن إيه آي (OpenAI) اهتمامًا مماثلاً بإمكانية شراء متصفح رئيسي مثل كروم. في المقابل استبعدت شركة دك دك جو (DuckDuckGo) نفسها من المنافسة على شراء كروم بشكل واضح وذلك لعدم امتلاكها القدرات المالية الكافية لإتمام صفقة بهذا الحجم. وتكمن الأهمية الاستراتيجية القصوى لكروم في كونه بوابة رئيسية ومباشرة للوصول إلى شريحة واسعة من مستخدمي محركات البحث حيث يتم إجراء ما يقارب 60% من عمليات البحث عبر شريط العناوين الخاص بالمتصفحات وذلك وفقًا لتصريحات - براين بروفوست - رئيس قسم البحث في ياهو.

تقول جوجل أن كروم وعلى عكس الاعتقاد السائد، ليس حزمة مستقلة يمكن التخلص منها بسهولة وبدلاً من ذلك تعتمد العديد من مميزاته على البنية الأساسية لخوادم جوجل وبحسب مدير أمن المنتج فإن فصل المتصفح بالكامل عن خدمات جوجل سيكون بمثابة "كابوس". وفقًا لباريسا تبريز، فإن الميزات مثل التصفح الآمن واكتشاف تسريب كلمة المرور تعمل فقط عندما يكون هناك اتصال نشط بخوادم Google وإذا تم بيع المتصفح لشركة أخرى وتم قطع اتصاله بالبنية التحتية الخاصة بشركة جوجل فسيتم تعطيل هذه الميزات أيضًا. لا يعتمد كروم فقط على البنية التحتية الداخلية للشركة بل تعتمد جميع منتجات Chrome تقريبًا البنية التحتية الخاصة بالشركة ويبقى أن نرى ما إذا كانت المحكمة ستجبر جوجل في نهاية المطاف على بيع متصفح كروم.

من الناحية العملية والتنفيذية تعمل ياهو حاليًا على تطوير متصفح الإنترنت الخاص بها وهو مشروع قد يستغرق إنجازه فترة تتراوح ما بين ستة إلى تسعة أشهر تقريبًا إلا أن شراء كروم سيمكن ياهو من تحقيق قفزة نوعية وسريعة في حصتها السوقية الحالية، والتي قد تتجاوز حاجز الـ 10% مقارنة بحصتها الحالية التي لا تتعدى 3%. وتقدر التكلفة الإجمالية لهذه الصفقة المحتملة بعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية وهي مبالغ تؤكد ياهو على قدرتها على تأمينها بفضل الدعم القوي من شركتها الأم أبولو غلوبال مانجمنت التي تمتلك أيضًا الحقوق التاريخية لمتصفح نتسكيب (Netscape) الشهير.

ياهو تعلن عن استعدادها لشراء متصفح كروم

في المقابل تحاول جوجل جاهدة إثبات أن فصل كروم عن بنيتها التحتية التقنية المعقدة سيكون بمثابة "كابوس" تقني حقيقي حيث تعتمد العديد من الميزات الأساسية في المتصفح مثل نظام التصفح الآمن المتطور على خوادم غوغل بشكل وثيق ولا يمكن فصلها بسهولة. كما حذرت جوجل من أن أي عملية شراء خارجية لكروم قد تؤدي حتمًا إلى تدهور ملحوظ في جودة المتصفح أو حتى تحويله إلى خدمة مدفوعة تتطلب اشتراكًا ما سيؤثر سلبًا على صناعة المتصفحات ككل وعلى تجربة المستخدمين.

تأتي هذه التطورات المتسارعة في إطار معركة أوسع وأشمل تهدف إلى إعادة تشكيل مشهد الإنترنت بالكامل حيث تسعى الجهات التنظيمية المختلفة إلى كسر احتكار العمالقة التكنولوجيين المهيمنين بينما تحاول الشركات المتوسطة والصغيرة نسبياً مثل ياهو و بيربلكسيتي استغلال هذه الفرصة الذهبية لتعزيز مواقعها التنافسية في سوق تهيمن عليه جوجل بشكل شبه كامل منذ عقود طويلة. سيعتمد القرار النهائي في هذه القضية على ما إذا كان سيقتنع القاضي أميت ميهتا بالحجج التي تقدمها وزارة العدل الأمريكية حول الضرورة الملحة لتفكيك جوجل أو ما إذا كان سيقبل ببدائل أقل جذرية تهدف إلى ضمان المنافسة العادلة في سوق البحث المتنامي.